أسباب تذكر الأحلام

لطالما كانت الأحلام واحدة من أكثر الظواهر غموضًا وإثارة لفضول العلماء، فهي مساحة غير ملموسة تمزج بين الذكريات، الرغبات، والمخاوف، وتنسج قصصًا قد تبدو بلا منطق لكنها تحمل أحيانًا رسائل ذات مغزى. ومع ذلك، يبقى أحد أكبر الألغاز في عالم الأحلام هو: لماذا يتذكر البعض أحلامهم بوضوح، بينما يستيقظ آخرون دون أن يبقى لديهم أي أثر لما رأوه أثناء النوم؟

دراسة إيطالية حديثة، نُشرت في مجلة Communications Psychology، قدمت إجابة واضحة لهذا التساؤل بعد سنوات من البحث المعمق، حيث كشف الباحثون أن تذكر الأحلام ليس مجرد مسألة صدفة، بل يعتمد على عوامل محددة تتعلق بتركيبة الدماغ، أنماط النوم، وحتى طريقة تفكير الشخص خلال ساعات اليقظة.

دراسة موسعة لكشف لغز الأحلام

بين عامي 2020 و2024، أجرى علماء من عدة مؤسسات بحثية في إيطاليا دراسة شاملة شملت 217 شخصًا بالغًا تتراوح أعمارهم بين 18 و70 عامًا. لم يكتفِ المشاركون بتسجيل مذكرات أحلامهم، بل خضعوا لسلسلة من التجارب العلمية المكثفة، شملت:

مراقبة نشاط الدماغ أثناء النوم باستخدام أقطاب كهربائية متصلة بالرأس لتسجيل التغيرات في الموجات الدماغية.
ارتداء أجهزة تتبع النوم لمراقبة جودة النوم ومدته وأنماطه المختلفة.
استخدام تسجيلات صوتية لرواية الأحلام فور الاستيقاظ، بدلًا من تدوينها كتابيًا، مما ساعد على تقليل فقدان التفاصيل أثناء الكتابة.

هذه التجارب سمحت للباحثين بتحليل كيفية تفاعل الدماغ مع الأحلام، وساعدتهم على تحديد العوامل التي تؤثر في قدرة الشخص على تذكرها أو نسيانها فور الاستيقاظ.

ثلاثة عوامل رئيسية تتحكم في تذكر الأحلام

بعد تحليل البيانات المستخلصة من التجربة، توصل الباحثون إلى أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تحدد ما إذا كان الشخص سيتذكر حلمه أم لا، وهي:

1. نظرة الشخص إلى الأحلام: هل يراها ذات معنى أم مجرد أوهام؟

اتضح أن الأشخاص الذين يعتبرون الأحلام ذات قيمة ويؤمنون بأنها تحمل رسائل عاطفية أو نفسية مهمة هم أكثر قدرة على تذكرها، مقارنةً بمن يرونها مجرد صور عشوائية يخلقها الدماغ أثناء النوم.

شارك المشاركون في استبيان يقيس مواقفهم تجاه الأحلام، وجاءت النتائج واضحة: أولئك الذين يرون في الأحلام وسيلة لاكتشاف مشاعرهم الحقيقية كانوا أكثر قدرة على تذكرها، في حين أن من يعتقدون أن الأحلام مجرد "ضوضاء دماغية" نادرًا ما يتذكرونها.

2. ميل الشخص إلى أحلام اليقظة وشرود الذهن

أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يسرحون في أفكارهم أثناء النهار أو ينجرفون في أحلام اليقظة غالبًا ما يكونون أكثر قدرة على تذكر الأحلام الليلية.

ويرجع السبب في ذلك إلى أن الحلم وأحلام اليقظة يعتمدان على نفس الشبكات العصبية داخل الدماغ، خاصة المناطق المسؤولة عن التفكير التأملي وتوليد التجارب الذهنية الداخلية. بمعنى آخر، إذا كنت ممن يضيعون في عالم أفكارهم خلال النهار، فمن المرجح أن تكون لديك قدرة أكبر على تذكر أحلامك عند الاستيقاظ.

3. أنماط النوم ومدى عمقه

وجد الباحثون أن الأشخاص الذين ينامون نومًا خفيفًا ويمضون وقتًا أطول في مراحل النوم السطحية كانوا أكثر قدرة على تذكر أحلامهم، مقارنة بمن يغرقون في النوم العميق.

خلال النوم العميق، يطلق الدماغ موجات كهربائية بطيئة وكبيرة تُعرف باسم "موجات دلتا"، والتي تساعد على تثبيت الذكريات، لكنها قد تعيق استرجاع الأحلام. وعلى العكس، فإن النوم الخفيف يشبه إلى حد ما حالة اليقظة، مما يسهل تكوين الأحلام وتذكرها لاحقًا.

عوامل إضافية تؤثر في تذكر الأحلام

العمر وتأثيره على وضوح الأحلام

أظهرت الدراسة أن العمر يلعب دورًا في تذكر الأحلام، حيث كان المشاركون الأصغر سنًا أكثر قدرة على تذكر محتوى أحلامهم بوضوح، في حين أن كبار السن كانوا أكثر عرضة لما يسمى "الأحلام البيضاء"، حيث يستيقظون وهم متأكدون من أنهم حلموا، لكنهم غير قادرين على تذكر أي تفاصيل.

هذا يشير إلى أن الدماغ يعالج الأحلام بشكل مختلف مع التقدم في العمر، ربما بسبب التغيرات في نشاط الذاكرة أو وظائف الدماغ العامة.

تذكر الأحلام يتغير مع المواسم

أحد الاكتشافات المثيرة للاهتمام هو أن تذكر الأحلام يتأثر بتغير الفصول، حيث وجد الباحثون أن الناس يتذكرون عددًا أقل من الأحلام خلال فصل الشتاء مقارنة بالربيع والخريف.

بينما لم يتمكن الباحثون من تحديد السبب الدقيق لهذه الظاهرة، يُعتقد أن التغيرات الموسمية في التعرض لأشعة الشمس قد تؤثر على مستويات بعض المواد الكيميائية في الدماغ، مما ينعكس على عملية تكوين الأحلام وتذكرها.

انعكاسات الدراسة على الصحة العقلية وفهم الدماغ

لم تقتصر أهمية هذه الدراسة على كشف العوامل التي تؤثر في تذكر الأحلام، بل إنها فتحت الباب لفهم أعمق للعلاقة بين الأحلام والصحة العقلية.

يخطط الباحثون لاستخدام هذه النتائج في الأبحاث المستقبلية، خاصة في المجالات الطبية والعلاجية، حيث يمكن أن تساعد دراسة أنماط الأحلام في تشخيص بعض الاضطرابات النفسية والعصبية، مثل القلق والاكتئاب واضطرابات النوم.

هل يمكننا تدريب عقولنا على تذكر الأحلام؟

كشفت هذه الدراسة أن تذكر الأحلام ليس مجرد صدفة، بل هو انعكاس لتفاعل معقد بين العوامل الشخصية والبيولوجية والمعرفية. فالأشخاص الذين يهتمون بالأحلام، والذين يميلون إلى أحلام اليقظة، والذين ينامون نومًا خفيفًا هم الأكثر قدرة على استرجاع تفاصيل أحلامهم.

ورغم أن تذكر الأحلام قد يكون تلقائيًا لدى البعض، إلا أن هناك بعض الطرق التي قد تساعد في تحسين القدرة على استرجاعها، مثل:

الاحتفاظ بمذكرات الأحلام وكتابتها فور الاستيقاظ.
الاسترخاء قبل النوم وممارسة التأمل لتعزيز الاتصال بين العقل الواعي واللاواعي.
تحسين جودة النوم من خلال الالتزام بمواعيد نوم منتظمة وتجنب المنبهات قبل النوم.

تبقى الأحلام واحدة من أكثر الظواهر الغامضة في حياتنا، ومع كل اكتشاف علمي جديد، يزداد فهمنا لدورها في العقل البشري. لكن السؤال الذي يظل قائمًا هو: هل يمكن أن تحمل الأحلام رسائل حقيقية من اللاوعي، أم أنها مجرد نتاج عشوائي لنشاط الدماغ أثناء النوم؟

لماذا يتذكر البعض أحلامهم بينما ينساها الآخرون؟ دراسة إيطالية تكشف السر

دراسة موسعة لكشف لغز الأحلام

ثلاثة عوامل رئيسية تتحكم في تذكر الأحلام

1. نظرة الشخص إلى الأحلام: هل يراها ذات معنى أم مجرد أوهام؟

2. ميل الشخص إلى أحلام اليقظة وشرود الذهن

3. أنماط النوم ومدى عمقه

عوامل إضافية تؤثر في تذكر الأحلام

العمر وتأثيره على وضوح الأحلام

تذكر الأحلام يتغير مع المواسم

انعكاسات الدراسة على الصحة العقلية وفهم الدماغ

هل يمكننا تدريب عقولنا على تذكر الأحلام؟

منوعات اليوم

ميكانيكي إيطالي يبتكر أنحف سيارة بالعالم لكنها تُمنع من السير رسميًا

مشاهد صادمة في نيويورك.. سعودي يوثق "شارع الزومبي" وتعاطي المخدرات علنًا

الخالدي يكشف مواصفات وسعر تويوتا هايلوكس GLX موديل 2025 الجديدة

أخصائي نفسي: أول كلمة مؤلمة تكشف بداية التقدم في العمر

اللقطات الأولى لسيارة جوتا المتفحمة على الطريق السريع A‑52

سعر ومواصفات فورتشنر 6 سلندر 2025.. مراجعة الخالدي تكشف التفاصيل