الدَّقة المدينية ومائدة الإفطار بالمسجد النبوي

يحتفظ المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة بعادة اجتماعية راسخة خلال شهر رمضان المبارك، حيث تمتد سُفر الإفطار الجماعي في أروقته، مجسدةً قيم التكافل والتراحم التي ميزت المجتمع الإسلامي منذ العهد النبوي. هذه الموائد الرمضانية، التي يتوارثها أهالي المدينة جيلاً بعد جيل، تعد رمزًا للأصالة والتراث الإسلامي العريق، وتستقطب آلاف الصائمين يوميًا في أجواء إيمانية عامرة.

مكونات السفرة.. بساطة تحمل إرثًا تاريخيًا

تتميز موائد الإفطار في المسجد النبوي ببساطتها التي تحمل في طياتها إرثًا ممتدًا عبر العصور. حيث تتكون السفرة من التمر أو الرطب، اللبن، الخبز، الدَّقة المدينية، إضافة إلى بعض المكونات الأخرى التي تعكس الموروث الغذائي للمدينة. وأوضح الباحث في تاريخ المدينة المنورة ومعالم السيرة النبوية عزالدين المسكي، أن هذه المكونات لم تُستحدث حديثًا، بل تعود جذورها إلى عهد النبي ﷺ، حينما كان الصحابة يعلقون عذوق الرطب في المسجد ليستفيد منها الفقراء والمحتاجون، كما ورد في الحديث الشريف: "أن رسول الله ﷺ أمر من كل حائط بقنو للمسجد" (صحيح ابن خزيمة).

موائد النبي ﷺ.. روح التكافل الممتدة

يروي التاريخ الإسلامي العديد من المواقف التي تعكس أهمية موائد الإفطار الجماعي، فقد أورد الطبراني أن وفد ثقيف عندما جاء إلى رسول الله ﷺ في رمضان، ضرب لهم قبة في المسجد، فلما أسلموا صاموا معه، كما ذكر ابن إسحاق أن بلال بن رباح رضي الله عنه كان يأتي وفد ثقيف بفطورهم وسحورهم من عند النبي ﷺ. إضافة إلى ذلك، ورد في سنن ابن ماجه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن الأنصار كانوا يخرجون أقناء البسر عند جِداد النخل ويعلقونها بين أسطوانتين في المسجد ليأكل منها فقراء المهاجرين.

الدَّقة المدينية.. لمسة تراثية أصيلة

من أبرز مكونات السُّفرة الرمضانية في المسجد النبوي الدَّقة المدينية، التي رغم بساطتها، تعد عنصرًا أساسياً على المائدة. تتكون هذه الدقة من مزيج من الملح والأبازير، وهي ليست مجرد إضافة حديثة، بل يعود ذكرها إلى القرون الأولى. فقد أشار إليها محمد بن الحسن الأزدي (المتوفى سنة 321هـ) في "جمهرة اللغة"، حيث ذكر أن الدقة هي التوابل من الأبزار مثل الكزبرة اليابسة، وكان البعض يصفها بأنها الملح وما خُلط به من توابل.

إرث ممتد إلى العالم الإسلامي

لم تتوقف هذه العادات عند حدود المدينة المنورة، بل تجاوزتها لتنتشر في مختلف أنحاء العالم الإسلامي. إذ أصبحت مائدة الإفطار الرمضانية المستوحاة من السفرة النبوية تقليدًا في العديد من المساجد والمجتمعات الإسلامية، حيث تظل هذه المكونات الأصيلة حاضرة، شاهدةً على تراثٍ ممتدٍّ وروحٍ إسلاميةٍ متجددة، تعكس معاني التآخي والتراحم التي يتميز بها شهر رمضان المبارك.

إن موائد الإفطار في المسجد النبوي ليست مجرد وجبات تُقدم للصائمين، بل هي امتداد لروح التكافل الإسلامي، ورمزٌ لتاريخٍ عريق لا يزال نابضًا بالحياة في رحاب المدينة المنورة، ليؤكد أن قيم العطاء والمشاركة ستبقى متجذرة في وجدان الأمة الإسلامية عبر العصور.

الدَّقة المدينية ومائدة الإفطار بالمسجد النبوي

الدَّقة المدينية وموائد الإفطار في المسجد النبوي..إرث رمضاني يعكس روح التكافل الإسلامي

مكونات السفرة.. بساطة تحمل إرثًا تاريخيًا

موائد النبي ﷺ.. روح التكافل الممتدة

الدَّقة المدينية.. لمسة تراثية أصيلة

إرث ممتد إلى العالم الإسلامي

أخبار السعودية

الأرصاد تُحذّر: موجة حارة ورياح مثيرة للأتربة تضرب عدة مناطق اليوم

الجامعة الإسلامية تطلق 9 مبادرات بحثية لتعزيز الابتكار والتأثير العلمي العالمي

"دليل المُصلي" منصة رقمية تعزز تجربة القاصدين للحرمين الشريفين روحانيًا

الهيئة العامة للنقل تحصد شهادة آيزو 20000 لخدمات تكنولوجيا المعلومات

وزير الحج والعمرة يطمئن على سلامة الحجاج الإيرانيين ويؤكد انسيابية مغادرتهم

"ڤايبز العُلا" يفتح باب التقديم لمسرعة أعمال "رواد العُلا" بنسختها الجديدة