رمضان في عسيرعبادة وتراث حيّ

مع حلول شهر رمضان المبارك، تحافظ منطقة عسير على عاداتها المتوارثة التي تجمع بين الأجواء الروحانية والأنشطة اليومية ذات الطابع التراثي. ويحرص سكان المنطقة على استثمار هذا الشهر الفضيل في العبادة، إلى جانب ممارسة الأعمال التي تتناسب مع طبيعة المكان، سواء في المناطق الجبلية أو الساحلية.

ويؤكد كبار السن أن حياتهم خلال رمضان تتخذ طابعًا خاصًا، حيث يبدؤون يومهم مبكرًا في الاهتمام بالمزارع والمواشي، بينما تتجه أنظار سكان السواحل نحو البحر، إذ يعتمدون على صيد الأسماك كمصدر رزق رئيسي. وبعد انتهاء النهار، يجتمع الأهالي في المساء لأداء صلاة التراويح، ثم الاستمتاع بالسمر الرمضاني وسط أجواء اجتماعية دافئة.

إفطار جماعي يرسّخ الروابط المجتمعية

على امتداد أكثر من سبعين عامًا، اعتاد سكان القرى الساحلية في عسير، خصوصًا في مركز القحمة، على التجمع لتناول الإفطار الجماعي في الأحياء القديمة، حيث يُحضر كل منزل أطباقه التقليدية لتبادلها مع الجيران في مظهر يعكس التكافل الاجتماعي. ويُعد خبز "الخمير" والأسماك الطازجة من أبرز الأطباق الرمضانية في هذه المناطق، نظرًا لارتباط سكانها بالبحر والصيد.

أما في المناطق الجبلية وسروات عسير، فترتكز موائد الإفطار على التمر، البر، السمن، العسل، وقطع اللحم، إضافة إلى حليب الأبقار أو الأغنام، حيث تختلف المكونات تبعًا للحالة الاقتصادية لكل أسرة، مع الحفاظ على العادات الرمضانية المتوارثة.

إحياء الموروث الشعبي في القحمة

ويحكي العم علي الشاعري، البالغ من العمر 95 عامًا، عن ذكرياته في مركز القحمة خلال رمضان في الماضي، مشيرًا إلى أن صيادي الأسماك كانوا يبدأون يومهم منذ الفجر في ركوب القوارب بحثًا عن رزقهم في البحر الأحمر، ليعودوا مع اشتداد حرارة النهار لبيع صيدهم في السوق العام، ثم الاستعداد للإفطار الذي غالبًا ما يتكون من الأسماك الطازجة وخبز "الخمير".

وفي السنوات الأخيرة، عمل أبناء القحمة على إعادة إحياء العديد من العادات الرمضانية، ولكن بأسلوب عصري يواكب التطور. وتزينت الشوارع والمنازل بالفوانيس والأضواء الملونة، حيث أصبحت هذه المظاهر جزءًا من الهوية البصرية للشهر الكريم في المنطقة.

أنشطة ثقافية وفنية تعزز الهوية التراثية

لم يقتصر الاحتفال برمضان في القحمة على الأجواء التقليدية، بل امتد ليشمل أنشطة اجتماعية وفنية وثقافية تهدف إلى تعزيز الهوية التراثية للمنطقة. ووفقًا للمؤرخ أحمد العبسي، فإن القحمة تشهد خلال رمضان منافسات بين الحارات في تزيين الأماكن العامة، إلى جانب تنفيذ لوحات تشكيلية مستوحاة من تراث المكان. كما تتحول جدران الأحياء إلى لوحات فنية بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين، ما يضفي طابعًا ثقافيًا جماليًا على المنطقة.

وتشمل الفعاليات أيضًا تنظيم ألعاب شعبية وفعاليات ترفيهية ورياضية، مما يساهم في تقديم تجربة رمضانية متكاملة تجمع بين الموروث القديم والتجديد العصري، وتعزز الروابط الاجتماعية بين سكان المنطقة.

القحمة.. وجهة رمضانية تجمع بين الأصالة والتطور

ويشير إبراهيم الشرفي، أحد منسوبي جمعية التنمية الأهلية بالقحمة، إلى أن هذه الفعاليات تهدف إلى إبراز الطابع الفريد للمركز، الذي يُعد من المواقع التاريخية المطلة على البحر الأحمر، حيث كان أحد الموانئ القديمة المعروفة.

وتأتي هذه الجهود في إطار تعزيز الهوية الثقافية وإحياء العادات الرمضانية العريقة، مما يجعل القحمة واحدة من الوجهات المتميزة خلال الشهر الفضيل، حيث تتجسد فيها روحانية رمضان وسط أجواء مجتمعية مميزة تجمع بين الأصالة والتطور.

القحمة في رمضان.. أجواء روحانية وعادات أصيلة تمتد لعقود

إفطار جماعي يرسّخ الروابط المجتمعية

إحياء الموروث الشعبي في القحمة

أنشطة ثقافية وفنية تعزز الهوية التراثية

القحمة.. وجهة رمضانية تجمع بين الأصالة والتطور

أخبار السعودية

عاجل.. "التجارة" تستدعي 257 مركبة هيونداي بسبب خلل في مضخة الوقود

الأرصاد تُحذّر: موجة حارة ورياح مثيرة للأتربة تضرب عدة مناطق اليوم

الجامعة الإسلامية تطلق 9 مبادرات بحثية لتعزيز الابتكار والتأثير العلمي العالمي

"دليل المُصلي" منصة رقمية تعزز تجربة القاصدين للحرمين الشريفين روحانيًا

الهيئة العامة للنقل تحصد شهادة آيزو 20000 لخدمات تكنولوجيا المعلومات

وزير الحج والعمرة يطمئن على سلامة الحجاج الإيرانيين ويؤكد انسيابية مغادرتهم